دار الأهلية للنشر ترجمة عبد الله أمين غيث فلسلفة
يعتبر جون سيتوارت ميل (1806- 1873) من أعلام الفكر السياسي والفلسفي في بريطانيا إبان القرن التاسع عشر، ويعد كتابه "عن الحرية" الذي يدعو فيه إلى الإلتزام بمبادئ حرية الفرد التي على أساسها تقوم حرية المجتمع، من أهم الكتب التي تحدثت عن حرية التعبير والتفكير والنقاش ونشدان ما ينفع الناس، أي الإستناد إلى الواقع لا إلى المثل العليا في إصدار الأحكام على الأشياء، وهو في هذا يتبع خطى جيريمي بنتام فيلسوف النفعية الشهير. في تعبيره عن حرية الرأي يقول "ميل": إن البشر جميعاً لو اجتمعوا على رأي، وخالفهم في هذا الرأي فرد واحد، فما كان لهم أن يسكتوه، بنفس القدر الذي يجوز لهذا الفرد إسكاتهم حتى لو كانت له القوة والسلطة". وكان الحد الوحيد الذي وضعه لحدود حرية التعبير عبارة عن ما أطلق عليه "إلحاق الضرر" بشخص آخر. ولا تقاس الحكومة الصالحة عند "ميل" إلا بمقدار ما يتمتع أفرادها من فضائل الخلق والسلوك والتقدم العقلي، أو بعبارة أخرى، بمقدار ما تصطنعه من مواطنيها وما تصنعه بهم، ولا يتأتى ذلك ما لم تفسح لكل فرد أوسع مدى لتنمية مواهبه وإذكاء ملكاته، فإن حرية الفكر وحرية العمل هما أثمن ما تقدمه الحكومة لرعاياها. وأخيراً اعتبر "ميل" أن قيمة الدولة، على المدى البعيد، هي قيمة الأفراد الذين يؤلفونها؛ والدولة التي تؤجل مصالح توسعهم ورقيهم العقلي لأجل قليل من المهارة الإدارية، أو شبيهتها التي توفرها الممارسة، في تفاصيل الأعمال؛ الدولة التي تقزم رجالها، من أجل أن يصبحوا أدوات طيعة بيديها حتى من أجل الغايات المفيدة، ستجد أنها برجال صغار لن تستطيع أن تحقق شيئاً كبيراً، وان اكتمال المكننة التي ضحت بكل شيء لأجلها سوف لن يجديها نفعاً في آخر المطاف، لافتقارها للقوة الحيوية التي فضلت أن تبعدها، لأجل أن تتمكن الآلة من العمل بسهولة ويسر".